تقرير مالك بن فهم | رحلة الفاتح العُماني إلى زنجبار
تقرير مالك بن فهم
مالك بن فهم (120م – 207م) كان ملكًا على العرب في أرض الحيرة، حيث تصادفت فترة حكمه مع عهد حكومات الطوائف التي سبقت الدولة الساسانية، وفقًا للزركلي كان مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان من قبيلة الأزد، ويعد أول من حكم العرب في منطقة الحيرة، ويعود أصله إلى قحطان، وقد هاجر من اليمن بعد سيل العرم مصطحبًا معه جماعة من قومه، واستقر في العراق حيث أنشأ بستانًا في موقع الحيرة، وبسط رجاله سيطرتهم على تلك المنطقة دون منافس، وقد عاش مالك بن فهم في العراق قرابة عشرين عامًا، حتى قتل غدرًا على يد سلمة بن مالك، تابعنا لتستمتع بالمزيد من المعلومات المميزة عن مالك بن فهم.
هجرة مالك بن فهم
وفقًا للمصادر العربية هاجر مالك من اليمن مع جماعته بعد سيل العرم واستقر في العراق، حيث حكم الحيرة لمدة حوالي اثني عشر عامًا (195م – 207م)، وقد ذكر المسعودي أن مالك بن فهم كان من نسل قحطان، وقد هاجر مع بني جفنة الذين توجهوا نحو الشام، بينما توجه مالك نحو العراق، حيث حكم مضر بن نزار لمدة اثنتي عشرة سنة، ثم خلفه ابنه جذيمة.
على الرغم من أن مالك بن فهم يُعتبر شخصية تاريخية، إلا أن إثبات الحقائق الدقيقة حول فترة حكمه يبقى صعبًا، ولا توجد سجلات أثرية تشير مباشرة إلى مالك بن فهم، لكن الأدلة الأثرية تدعم وجود ابنه جذيمة الأبرش الذي تم ذكره في نقش مؤرخ بين عامي 250م و270م، ويشار إلى حفيد ابنته، امرؤ القيس بن عمرو، في نقش مؤرخ عام 328م.
تاريخ مالك بن فهم
كان مالك بن فهم أول من حكم اتحاد تنوخ، ويذكر لويس شيخو أنه بعد وقوع سيل العرم، تفرقت قبائل العرب من مدينة مأرب واتجهت نحو العراق والشام، كانت قبائل تنوخ وقضاعة من الأزد الذين نزحوا إلى العراق، اتفق مالك بن فهم الأزدي مع مالك بن القضاعي على الاستقرار في البحرين وتشكيل تحالف ضد أي تهديد، وأطلقوا على أنفسهم اسم تنوخ.
كانت هذه الفترة في زمن ملوك الطوائف، وعندما وجدوا العراق تحت حكم إحدى الطوائف، قرروا مغادرة البحرين والتوجه إلى العراق، وقد قاد مالك بن فهم الأزدي الأزد نحو العراق بينما اتجهت قضاعة إلى الشام بقيادة مالك القضاعي، وأصبح مالك بن فهم أول حاكم على تنوخ في العراق في عام 195 م، واستقر في الأنبار حتى تعرض لهجوم ليلي من سليمة بن مالك أدى إلى مقتله.
بعد وفاة مالك بن فهم، تولى ابنه جذيمة الأبرش الحكم، واستمر حكم جذيمة حتى صعود أردشير بن بابك، الذي تمكن من السيطرة على ملوك الطوائف وأعاد السيطرة على العراق من العرب، وقد أبقى أردشير جذيمة الأبرش على حكم الحيرة.
كما حكم جذيمة الأبرش الحيرة والمناطق المحيطة بها بعد والده مالك بن فهم، وعاش طويلاً وحكم لمدة ستين عاماً، وكان من أقوى ملوك هذه الدولة، وبعد وفاته انتقل الحكم إلى ابن أخته عمرو بن عدي ثم إلى امرؤ القيس بن عمرو، المعروف بصاحب نقش النمارة.
نسب مالك بن فهم
يعود مالك بن فهم إلى غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد، وقد حدث تداخل بين مالك بن فهم الأزدّي ومالك بن فهم من قضاعة في روايات بعض المؤرخين، فقد ذكر ابن حزم أن مالك بن زهير بن عمرو بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة هو من أسس تحالف تنوخ، وتبعه ابن الكلبي وابن إسحاق في رواياتهم عن الطبري، وقد أوردت إحدى الروايات أن بني زهير بن عمرو بن فهم، ومنهم مالك بن فهم، هم من قادوا تحالف تنوخ في هجر وتحالفوا مع قبائل عربية أخرى، واستقروا في الحيرة.
وفي نهاية المطاف قتل مالك بن فهم على يد ابنه سليمة، وقد فرق حمزة الأصفهاني بين مالك بن فهم الأزدي ومالك بن فهم من قضاعة، مشيرًا إلى أن الأزد تحركوا إلى العراق بقيادة مالك بن فهم الأزدي، بينما توجهت قضاعة إلى الشام بقيادة مالك بن فهم القضاعي، حيث سيطر القضاعيون على أجزاء من الشام.
سيرة مالك بن فهم
يروي الطبري عن هشام بن الكلبي أن مالك بن فهم قاد مجموعة من العرب إلى العراق خلال فترة الاضطرابات التي شهدتها الإمبراطورية الفرثية نتيجة لصراعات ملوك الطوائف، وعندما وصلوا إلى العراق، أسسوا حلفًا يعرف بتنوخ.
أشار هشام الكلبي إلى أن جزء كبير من تنوخ استقر في الأنبار والحيرة والمناطق الواقعة بين الحيرة وطف الفرات، حيث أقاموا في خيام ومظلات دون أن يسكنوا في البيوت المبنية من الطين أو يختلطوا بأهلها.
استمر تجمعهم في تلك المناطق وأصبحوا يعرفون باسم عرب الضاحية. أول من حكم منهم في تلك الفترة كان مالك بن فهم، الذي استقر بالقرب من الأنبار، وبعد وفاته تولى الحكم أخوه عمرو بن فهم وبعد هلاك عمرو، تولى الحكم جذيمة الأبرش بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس الأزدي.
رواية حمزة الأصفهاني عن مالك بن فهم
ذكر حمزة الأصفهاني أنه بعد حدوث سيل العرم، تفرق العرب من اليمن باتجاه العراق والشام، وكانت تنوخ قبيلة من قبائل الأزد، من بين تلك القبائل التي هاجرت إلى العراق.
تزامن وصول مالك بن فهم بن غنم الأزدي إلى العراق مع وصول مالك بن فهم القضاعي من قبيلة قضاعة، حيث كانوا قد تفرقوا من تهامة نحو البحرين، كما اقترح مالك الأزدي على مالك القضاعي أن يقيموا في البحرين ويتحالفوا ضد أي أعداء يواجهونهم، ففعلوا ذلك وسموا تنوخ خلال فترة ملوك الطوائف.
حين لاحظوا أن العراق كان تحت حكم مجموعة ضعيفة من الملوك، قرروا مغادرة البحرين واتجهت قبيلة الأزد مع مالك بن فهم الأزدي إلى العراق، بينما سارت قضاعة مع مالك بن فهم القضاعي نحو الشام، كما حكمت قضاعة جزء من الشام حتى انتقل الحكم فيها إلى بني جفنة.
أما في العراق حكم مالك بن فهم الأزد العراق من الأنبار حتى قُتل على يد سليمة بن مالك، الذي كان قد تعلم الرماية على يد مالك، وبعد موته هرب سليمة إلى عمان.